في لحظة فاصلة من عمر انتفاضة السويداء وامام الخيارات التي لا بد منها لتحصين الحراك ولردم الفراغ الناشئ عن تلاشي سلطة النظام نجد اليوم العديد من الأطروحات التي تبحث عن صيغة مناسبةلإدارة اهلية تستمد شرعيتها من التوافق الأهلي العام للقطع مع سلطة النظاممع الاستمرار بحمل مطالب السوريين جميعاً عبر الدعوة لإسقاط النظام والمطالبة بتنفيذ القرار الأممي 2254 ومحاسبة كل الذين أوغلوا في الدم السوري وبناء دولة المواطنة والديمقراطية ،
ومع انطلاقة انتفاضة السويداء ومع الفرح العارم لكثير من السوريين بهذا الحراك الذي أعاد ايقاف الحلم السوري على قدميهإلا انه كان من الواضح أنه لا أفق حقيقي إلا من خلال امتداد هذه الانتفاضة مجدداً في ارجاء أُخرى من الوطن السوري او تشكيل تحالفات مع السوريين في الأماكن الخارجة عن سيطرة النظام بناء على مرجعية وطنية وبنود متفق عليها تنسجم مع تطلعات الشعب السوري التي عبرت عنه الثورة السورية في بداياتها ( قبل اختطافها وقبل تسيّد قوى الثورة المضادة ) وتعبر عنه اليوم انتفاضة السويداء بكل جدارة .نعم كان هذا المصير محتوماً إذا اردنا لهذه الانتفاضة ان تصل إلى غاياتها وإلا فمصيرها ( في حال استمرار الوضع الراهن ) هو التقوقع في ادارة ذاتية للسويداء فحسب مما يحمل معه بمرور الوقت خطراً انفصالياً لم ترده السويداء يوماً وهي التي لطالما ربطت مصير حراكها بمصير سوريا الواحدة الموحدة .ومع واقع عدم ملاقاة انتفاضة السويداء من جانب معظم المناطق السورية بإنتفاضات موازية ( عدا حوران التي تحاول ما أمكنها ) ولكون مناطق الشمال السوري التي تضم ملايين الثوار مسيطراً عليهم من قِبَل عشرات الميليشيات ذات الخطاب المتشدد والمرتهنة جميعها للقرار التركي ،
الذي اصبح من الواضح تنسيقه مع النظام .في هذا التوقيت ومع وجود بوادر تقارببين الادارة الذاتية لشرق الفرات وبين حراك السويداء تتحرك اصوات وترمي بكل ثقلها لقطع الطريق على أي تقارب متسلحة بالتشكيك والإنذار من الخطر المستطير
بل وتصوير ان اي تقارب سيجعل قسد في محل المسيطر على السويداء واكثر من ذلك فتلك الأصوات تحذرنا من أن السويداء ستخسر دعم النظام لاحتياجاتهاثم التغافل عن اي معنى سياسي لهذا التقارب والتغافل عن انهم سوريون يمدون اليد لسوريين آخرين وخارج سيطرة النظاموتنطلق هذه الأصوات من كراهية جرى بثها لسنوات اخيرة في الشارع ( الثوري )
وتكفلت العديد من المحطات الإعلامية ( التي تدعي الثورية ) بنشر هذه الموجة من الكراهية لكل ما يجري في شرق الفرات وجرى الخلط المتعمد بين الإخوة الكرد وبين ممارسة بعض القوى السياسية الكردية كما جرى القفز فوق العديد من النداءات المنطلقة من الادارة الذاتية والتي تحمل في طياتها التاكيد على عدم الرغبة بالانفصال عن الجسد السوري وانها تمد اليد لباقي السوريين ،
في الوقت الذي على كل عاقل ان يدرك ضرورة تلقف كل تحرك بالاتجاه الصحيح والبناء عليه بدل تكريس التباعد والقطيعة .
إن وجود ملاحظات عديدة على وجود ممارسات خاطئة عند قسد بل وفي كل مكان تحكمه قوى الأمر الواقع بباقي مناطق سورية أمر اكيد فالواقع اسوأ مما نتمناه ولكن هذا عليه أن لا يمنع الحوار الهادف إلى تجاوز تلك الأخطاء والتوافق على مشتركات وطنية تكون اساساً لسورية الجديدة .
في النهاية استهجن هذه الحملة المحمومة تجاه نوايا للتقارب والتنسيق بين حراك السويداء واي سوريين آخرين ،
والسويداء التي أبهر ابناؤها كل السوريينبحكمتهم وشجاعتهم ومنظورهم الوطني المتقدم ورؤيتهم السياسية التي عبروا عنها بوضوح لافت هذه السويداء تستحق الثقة بها وتستحق ان نتركها تتخذ قراراتها بعيداً عن التهويلوالتشكيك وبعيداً عن خطاب الكراهية الذي تتفنن بعض الأصوات بالعزف عليهوالذي يقدم بالنهاية خدمة جليلة للنظام من حيث لا يعلم .