سوريا _ حلب
شهد شمال سوريا تطورات ميدانية وسياسية لافتة خلال الأيام الأخيرة، بعد إعلان تحالف فصائل الثورة السورية بقيادة “هيئة تحرير الشام” سيطرتهم على كامل ريف حلب الغربي، ضمن عملية عسكرية أطلقوا عليها اسم ردع العدوان.
تأتي هذه التطورات في سياق مشهد معقد تسوده الاشتباكات بين الفصائل السورية المعارضة ونظام الأسد والميليشيات الإيرانية ، وسط جهود دولية تسعى إلى تحقيق تسوية سياسية مستدامة.
أعلنت غرفة العمليات العسكرية، الجمعة، السيطرة على كامل ريف حلب الغربي عقب معارك استمرت 36 ساعة مع نظام الأسد و الميليشيات الإيرانية.
وقال القائد العسكري في “إدارة العمليات العسكرية”، حسن عبد الغني، إن المنطقة باتت خالية من وجود نظام الأسد وميليشياته، مشيراً إلى أن العمل جارٍ لإزالة الألغام وتأمين المناطق التي تمت السيطرة عليها.
وأشار عبد الغني إلى أن المنطقة ستظل مغلقة عسكرياً حتى ضمان سلامتها، لافتاً إلى أن آلاف النازحين سيتمكنون من العودة إليها قريباً. كما أكد استمرار عملية ردع العدوان، حتى تحقيق أهدافها المعلنة.
وفي الوقت ذاته، وسعت الفصائل نطاق سيطرتها جنوباً وشرقاً، حيث أعلنت إحراز تقدم في ريف حلب الجنوبي وريف إدلب الشرقي، مع السيطرة على بلدات استراتيجية مثل خان طومان والبوابية وزيتان في ريف حلب، وقرتين تل كراتين وأبو قنصة في إدلب. كما أعلنت الفصائل استيلاءها على أربع دبابات أثناء تقدمها.
تحذيرات للسكان المحليين:
دعت “إدارة العمليات العسكرية” السكان المحليين في الأحياء الغربية من مدينة حلب، إضافة إلى ريفي حلب الجنوبي والشمالي وريف إدلب الشرقي، إلى الابتعاد عن نقاط التماس والنقاط العسكرية حفاظاً على سلامتهم، في ظل استمرار الاشتباكات.
التداعيات السياسية:
على الجانب السياسي، رأت روسيا في هذه التطورات الميدانية دافعاً إضافياً لتعزيز مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة. ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصدر دبلوماسي روسي تأكيده على ضرورة الدفع بهذا المسار لتحقيق استقرار طويل الأمد شمالي سوريا. وأشار المصدر إلى أهمية المبادرات المشتركة بين الطرفين لتخفيف التوتر الميداني وتأمين حياة نحو سبعة ملايين مواطن متأثرين بالوضع الحالي.
كما أكد الدبلوماسي الروسي على أهمية الموقف التركي الذي أعلنه الرئيس رجب طيب أردوغان سابقاً، ودعمه لفكرة التقارب مع دمشق. ونفى المصدر صحة التقارير الإعلامية التي تحدثت عن وجود الرئيس السوري بشار الأسد في موسكو مؤخراً.
تعكس هذه التطورات الميدانية والسياسية عمق التعقيد الذي يعيشه شمال سوريا، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية مع الأوضاع الميدانية. وبينما تسعى فصائل الثورة السورية، إلى تحقيق أهدافها العسكرية، تعمل القوى الكبرى، وعلى رأسها روسيا وتركيا، على إيجاد صيغة لتسوية سياسية تحقق الاستقرار المنشود في المنطقة.